Thursday, February 22, 2007

عن الكتابة

منحتني الكتابة حتى الآن أربعة كتب .. و أخذت مني - بالمقابل - خمسة عشر عاما . أستطيع أن أؤكد ذلك بنظرة سريعة على يدي التي كتبت ، و سنواتي التي عبرت .. غير أني أفشل دائما كلما حاولت أن أجيب على السؤال العصي : أينا في تلك المقامرة كان اللاعب الخاسر؟
.....................

أمضي الآن نحو الثلاثين .. المسألة ليست سهلة ، بالنسبة لي على الأقل . صرت أفكر في عمري أولا .. أؤجل نصوصا مكتملة بداخلي .. أرجيء اختلاجات تصارع كي تغادر حدودي . فيما مضى .. كنت أكتب . . ربما كنت أمضي باتجاه نقطة في المستقبل. صار الأمر خطيراً في الواقع: أنا الآن شخص يملك ذكريات

لم تعد شهوة النشر تؤرقني، أملك أكداساً مما نشرت، ذقت حلاوة التناول النقدي لأعمالي، لامست أناملي أوراقاً مالية ملساء من ثلاث جوائز أدبية مصرية و عربية .. على مقربة من سريري ترقد أربعة أغلفة تحمل اسمي، و اثنان ينتظران دوران المطابع. ماذا أريد إذن؟!.. صرت الآن متخففاً من أثقال ليست ذات قيمة كانت تكبلني فيما مضى : التواجد، التحقق...الخ. الآن فقط أستطيع أن أقول إنني أريد أن أكتب

في مدينة مثل القاهرة ليس بوسعك إلا أن تكون ـ على نحو ما ـ وحيداً. هنا عليك أن تعيش أولاً، أن تتأكد كل صباح أنك لا زلت تتنفس .. و أن تسأل نفسك في عربة المترو، أو الأوتبيس أو زحام الشوارع : أي دور تملكه - ليس حيال هؤلاء فحسب - و إنما، بالأحرى، حيال نفسك ؟ . أنت فرد، عيناك تشاهدان أولاً. أنت متفرج في النهاية و عليك أن تقنع بذلك إلى حين، و أن تصدق أن الكتابة فعل شخصي .. ليس بالمعنى الرومانسي الضيق ، و لكن ، بما يليق بمتوحد

هكذا أجدني - بينما تنفلت اللحظات من بين أصابعي و تسكن الماضي في وهلة، و حيث لا حاضر - أردد مع الكولومبي الخائن ماركيز: ليست الحياة ما يعيشه المرء ، بل ما يتذكره.. و كيف يتذكره ليرويه

20 comments:

Anonymous said...

ستظل تحلم وتتذكر وتكتب
واظن انك وجدت مبررا كافيا لنفسك عند هذا السن
احمد وائل

mahmoud said...

تؤتؤتؤتؤ
انت وصلت لكده؟؟
مش كويس عشانك يا طارق
و انا اللى بقول عليك طارق بوتر اللى واخدنا معاه لعالم اسطورى

سيبك من القاهره
بيقولو طنطا حلوه أوى
و المشبك هناك رخيص

شيمـــــاء said...

التوحد و الهروب الى الهواية
و العشق الاول للهواية فى حياة الانسان
و مخاوف السن
كلها تتوحد مع الانسان
عند احساسه بالوحدة

وحدة عدم وجود صديق
عدم وجود شريك للحياة أياً كان معناها شريك او صديق او ملازم لمفردات الحياة

و اعتقد ان كل الكتاب لازم ينتابهم جانب اكثر من الوحدة علشان يقدروا يكتبوا

عجبنى التساؤل فى اول البوست
و متهيالى محدش عرف يجاوب عليه
مش كده
:)

محمد عز الدين said...

جازف كي لا تموت وأنت واقف
جملة أؤمن بها
ولعل الكتابة هي قمتها
ثلاثون عاما يحسبهم البعض كثر
ولكن خمسة عشر سنة من الكتابة
أكثر بكثير
أكتب ثم أكتب ثم أكتب
فكل شئ تكتبه
هو
عمر جديد تحياه

AZ said...

اكبر مشكله ممكن تواجهك دلوقتى.. الملل. ماتزهقش
it's lonely on the top

طارق إمام said...

أحمد وائل
ابو حمييييييييييد
معك كل الحق
الكتابة أمتع شيء في العالم
..................................موودي
؟؟؟
مش فاهم
...................................
شيماء الجميلة
طبعا الكتابة تحتاج قدر من الوحدة المبدعة
و ده شيء جميل مش وحش
اللي كتبته ده أشبه بشهادة مكثفة طلبتها مني احدى الصحف و قررت انشرها في البلوج
على فكرة أنا مدين للكتابة بكل شيء
يمكن مدين لها بحياتي نفسها
متشكر جدا يا شيماء

طارق إمام said...

ezzo
جازف كي لا تموت و أنت واقف
(:
عبارة عبقرية , أنا شخصيا مؤمن بها تماما
معك كل الحق
عمر الكتابة أطول من الحياة نفسها
و لكنه أكثر كثافة و ثقلا مع ذلك
الكتابة مرادف للوجود
الكتابة حياة شخصية و سيرة متخيلة
متشكر على الإضاءة الجميلة
...................................
az
ما تبطلي تفقسيني بقى
(:
مفيش ملل و الله
انا فعلا بعيش أيامي الحلوة دلوقت
هبقى احكيلك لكن في ودنك

Anonymous said...

وانا اللى بقول على نفسى يائس
ليست الحياة ما يعيشه المرء ، بل ما يتذكره.. و كيف يتذكره ليرويه
انت قلتها بنفسك وانا مش هازود
وعايزين نشوفك بقى

كراكيب نـهـى مـحمود said...

الكتابة كالتحليق بعيدا عن اوجاع الأرض لحظة اقتسامها مع الورق ننجو من حزنها
الكتابة تعويذة القيت على ارواحنا لحظة الميلاد
علام تحاول التمرد
استسلم لقدرك ايها الفنان
واكتب
تحياتي يا طارق

Anonymous said...

بجد انا سعيد جدا انك وصلت للمرحله دى, اعتقد يا استاذ طارق انك فى الخمستاشر سنه دول كنت بتاخد من عمرك و تحط على الورق, من عقلك , من احساسك, من دمك_ربما_لكن اللى كنت بتسعى ليه هو النضوج مش بس التواجد, انت الان تضع على الورق اسرار سحر لا يقاوم
و تضيف لنا ابعادا جديده
و هاقولهالك مره تانيه انت عندك قدرات صعبه مش عند ناس كتير
والله انا فخور ان مصر فيها واحد زيك
موودى_ بس عامل عبيط

We2am said...

الخمسة عشر عاما..كانت مرحلة اعداد لتكتب الأفضل..
بعد سن الثلاثين :))

طارق إمام said...

باهر
يأس ايه بس يا صاحبي ربنا ما يجيب يأس
بالعكس انا بعتبر نفسي طول الوقت شخص محظوظ و مدلل
اما الشجن في كلامي فمصدره التأمل في اللحظة
على فكرة كتابتك حلوة قوي
و عبارة ماركيز هي بالفعل احدى عباراتي المفضلة
..............................
الجميلة نهى محمود
ده تعليق ولا بوست؟؟
انتي بتضربي سوقي؟؟؟؟
(:
مش عارف اقولك ايه يانهى
سطور رائعة و الله
معاكي حق
................................
موودي
شيطان الفوتوغرافيا المضيء
انت الأجمل يا فنان
...............................
وئام
الكتابة لا تخضع لهذا القانون
يعني مش شرط الواحد يكتب أحسن لما يكبر
و انا بشكل شخصي راضي عما قدمت حتى الآن
لكن ده مش معناه اني محاولش اتطور
(:
قريتي الرواية؟؟؟؟؟؟

Anonymous said...

لما شفتك يا طارق أول مرة كان عمرك 16 وكنت بعاملك بجدية يا أخي رغم إن مش من عادتي ولما سبت مصر فضلت انت بين الناس اللي بتابع كتابتهم وأخبارهم وبتهيألي انك مش لازم تكبر ، بصراحة أنا ما كبرتش، لاني قررت أسيب مصر في اللحظة الي وصلت فيها للثلاثين عشان أتحرر تماماً من الكتابة يمكن الكتابة اللي بجد تيجي. مش عارفة جت ولا لسه بس أهو هبل وخلاص. مش هكتب اسمي لاني فعلاً بكره اكتبه بس كنت عايزة أقولك إن الكتابة الي بجد جاية
سلام

Hend Sallam said...

that is so good 2 have afriendship with writing and be in touch with it..nice blog

أحمد الشمسي said...

أولا، طالما أنت تكتب والناس يعجبها ما تكتب، ومازالت تتذوق متعة تناول النقد لأعمالك، وطبعا مدمت لا تزال تنال الورق الأملس اللامع "إياه"، فأنا أعتقد أنك على استعداد لصرف المزيد من السنوات كمقابل!

ثانيا، ألف مبروك على جائزة الهيئة العامة، كنت هناك فائزا بالمركز الثالث عن أول مجموعة أكتبها وأول مسابقة مهمة أشترك بها، كنت سعيدا، وأعجبني عنوان مجموعتك الفائزة، وكنت على وشك التحدث إليك وسؤالك: "أين وكيف يمكنني أن أقرأ لك؟" لكن خجلا بائسا منعني كالعادة، على أي حال أقترح عليك أن تنضم لي وللأستاذ سمير الفيل في موقع القصة العربية.
www.arabicstory.net

إبـراهيم ... said...

جميل جدًا يا طارق .... ، أتابعـك من بعد ، وأسأل نفسي أسئلتـك كثيرًا ، رغم إني لم أمنح الكتابة ولا كتـاب حتى الآن !!!

وأكيد أنا مع عز ... جااازف كي لا تموت وأنت واقف


واحد صاحبي سألني إمتى هتبطل كتابة ، قلت له لما أموت ، أنا بكتب مش بعيش أصلاً !!!! ......................

ياااااااااااهـ ، فكرتني بحاجة كنت كاتبها عن الكتابة بديلاً عن الحيـاة ، أو طريقة لحياة افتراضية !!!


مسيري أكتبه تاني


تحيااااتي

Dananeer said...

أحيانا أفكر أننا نحب _ فقط _ لكي يكون بمقدورنا بعد ذلك أن نتذكر!!

ياترى احنا عايشيين عشان نفتكر و نفكر حنشيل الذكريات ازاى

ازاى حنكتبها قبل ما تتسرب
و ايه العمل
ما بين كونك متوحد و متفرج
دايما واقف على بعد خطوه بتشوف و تخزن و تسجل

اول مره قريته حسيت بألم
خلانى افنح ايميلى و اكتبلك
بس مقدرتش
اكمل

هو احنا بنقدر نختار بين كونا على بعد مع احتمال ان الدنيا تفضى من حوالينا
و احنا لوحدنا
وبين اننا ندفنا و ندفن حروفنا فى تفاصيل الحياه و نبقى قالب واخد مجراه الطبيعى؟

لما قريته اول مره افتكرت وجيه
فى العاشره و منى بتقوله بعد كا العمر ده ما استقرتش ليه؟
ليه بنوجع الناس بالاسئله

واحد said...

مشكلتك أنك تدرك ... والحقيقة المفزعة تؤكد أن (ليس في الإدراك أي نبل) عش فقط حالة الخيانة الإبداعية واستمر فيها

Mony The Angel said...

yaaaaah
15 sana keteer naw3an ma :)

w about sen al 30 msh mohem enta 3andak kam sana ya tare2, almohem tkoon 3esht alseneen de kwaies
w i think u do
as u have enough memories about them :)

3agabny awe enak esta7'semt kelmet motawa7ed hna...

w sure al zekra hia aham haga..
3shan kda lama ye7sal haga mohemma btla2y kol wahed hab yesagelha belshakl aly y7ebbo
bas 3shan ye2dar yeftekerha ba3deen..
ally haiekteb sofa7 fe kashkool mozakraato..
wely haiekteb mogarad al taree7' wel7adas fe note book mo3iana..
wely haiektefy b eno ya7'od soora w yekteb 3ala dahraha al taree7' :)

so nice post ya tare2
i love ur works alot
though i sometimes don't comment but i'm always here :)

Reham Ragab said...

مساء الخير
تجولت في مدونتك حتى وصلت هنا
:)
لم أكن معك ولكني قرأت لك، وأعترض -إن حق لي- على: "الان فقط أستطيع أن أقول أنني أريد أن أكتب."
ربما كان التواجد والتحقق من أهدافك، ولكنهما -لو سمحت لي- ليسا أفضل ثمارك. أعرف كثيرين يكتبون لأجل التحقق والشهرة، وأعتقد أنك "أردت" الكتابة بلا مشوهات في كل مرة، وليس بدءا من الان فقط.
نفكر في العمر حين تفزعنا الأرقام، ونفزع لأننا بشر. ولكن دعني أسألك: ماذا تعني خمسة عشر عاما من "أثقال ليست ذات قيمة" مقارنة بلحظة الكتابة، لحظة
اكتشاف العالم؟.
لا أدّعي امتلاكي لإجابات مسبقة التجهيز، ولكن أعتذر لك ولماركيز، أنا أرى أن الحياة هي لحظة صنع ما يتذكره المرء فيما بعد. كيف يتذكره هو انعكاس العمر كله عليها وعليه، وربما يستقبل العديد من الذكريات بلحظة شرود وابتسامة مشابهة، بينما لحظة صنعها لا ينعكس سوى بريقها في عينيه. هذا هو ما يعنيني في الحياة.
أسعدتني الجولة هنا كثيرا، وشكرا لك.
:)