من بين الألقاب التي أحملها ، و التي تنتمي جميعها لمهنتي الأدب و الصحافة ،أعتز كثيرا بلقب " راوي ضربة شمس " و الذي اكتسبته من قراء جميلين ، محبين ، بدأ بعضهم بالفعل يشق طريقه الآن في طريق الكتابة . لمن لا يعرف .. ضربة شمس صفحتان أسبوعيتان بجريدة الدستور يشرف عليهما صديقي خالد كساب .. و منذ نحو عام ونصف بدأت أنشر أسبوعيا حكاية لم أتخيل أن تحرز كل هذا النجاح .. و أن يتحول غيابها النادربين وقت للآخر إلى تساؤلات عديدة تنادي بالعودة السريعة . و الحكايات لها قصة .. بدأت بأول حكاية ، و كان اسمها " رجل عجوز بلا ذكريات " كتبتها و لم يكن في ذهني نشرها و لكني أعطيتها لكساب الذي نشرها في الأسبوع التالي مباشرة .. بعدها كتبت حكاية أخرى بعنوان " زوجة الجواهرجي لا تحب الذهب " .. لم أكن أعتقد أني سأستمر و أن ما أكتب سيصير زاوية ثابتة و مادة رئيسية من مواد ضربة شمس .. و لكن كساب ، في الأسبوع الثالث سألني بحميميته و حماسه المعهودين : فين الحكاية الجديدة يا معلم ؟؟ إحكي يا طارق زاد.. و الصيغة أرعبتني بقدر ما أسعدتني ، لأنها تدل على شيء اكتسب صفة الثبات ..و الدوام . هكذا بدأت الحكايات تتوالى .. و تأخذ شكلها ووضعيتها من محبة كساب و إخراج عاليا عبد الرؤوف المميز و ريشة وليد طاهر الساحرة لتصير التزامي الأول و الأهم طيلة عام ونصف .. و الذي أحرص عليه قبل التزامات أخرى وأمنحه مكانه الرئيسي بين مشاغل كثيرة . أما أهم ما في الموضوع .. فهو الضربشمساويون ــ أقصد قراء ضربة شمس ــ الذين منحوا هذه الحكايات جدواها و أشعروني بقيمتها و حملوني مسئولية ألا أتوقف .. لولاهم ما أفلحت كتابتي و لا حماس كساب و لا ريشة وليد ولا اخراج عاليا في جعل " البضاعة " تكتسب قيمة ليست لها أو أن " تزوق " وجهاً كئيبا كالحا . الضربشمساويون نفخوا في هذه الحكايات من روح خيالهم و أحلامهم و شغفهم و إخلاصهم للقراءة فجعلوها تعني شيئاً .. الضربشمساويون بحثوا عني خارج الحكايات فقرأوا كتبي ــ و كان لهم دور فعال في مضاعفة مبيعاتها ــ و بحثوا عن مدونتي ليصيروا من قرائها و أضافوني شاكرين كصديق لهم على الفيس بوك ليعرفوا أخباري .. فعلوا كل ذلك ــ فقط ــ لأنهم أحبوا ما أكتب و لا شيءآخر ..
الضربشمساويون منحوني الصدق الذي كنت أبحث عنه من كل من يقرأ لي حرفا..و صار لي من بينهم أصدقاء حقيقيون تتوطد علاقتي بهم يوماً بعد الآخر .
كم مرة فكرت أن أكتفي ؟ و أقدمت على ذلك ؟ .. ما تعدش .. خاصة في أوقات الانشغال بمشروع كتابة جديد أو مع تراكم تفاصيل الحياة .. لكن الضربشمساويين كانوا لي بمرصاد المحبة على الدوام !! يجذبونني ، يشدونني من جديد لأواصل الحكي و لأكتشف ــ معهم و بهم ــ أن جعبتي لم تنفد كما اعتقدت .. و أن لاشيء أهم من أن أستيقظ صباح الأربعاء ــ موعد الصدور الأسبوعي للدستور ــ على كل أنواع الماسجات و طرق التواصل تناقش و تحاور حكايتي الجديدة .. حتى حبيبتي مروة .. صارت الحكايات شيئا مشتركا في حواراتنا و كلامنا ..
الحكايات لم تعد مجرد مادة أكتبها أسبوعيا بمنطق الحرفة .. لكنها ساحة خيال أحلق من خلالها مع آلاف الضربشمساويين .. شباب يفرح .. يؤكد أن هناك طوال الوقت شيء جميل في قلب هذا الواقع القبيح .. يشعرك أنك لا تزال تملك رسالة و دورا في وقت آمن فيه الكثيرون أن الكاتب صار بلا دور و لا رسالة .. شباب يشعرك أن هناك مسئولية عليك ألا تتخلى عنها أو تدير لها ظهرك
الضربشمساويون هم القراء الذين يتمناهم أي كاتب على وجه الأرض .. أنا لا أبالغ و أعني تماما ما أقول .. شرائح مختلفة ، تضم المثقف و القاريء العادي و محبي الأدب .. متوسط أعمارهم صغير .. ورغم ذلك يبحثون عن القراءة قبل بحثهم عن فيلم خفيف أو أغنية روشة
أملك الآن ما يربو على 60 حكاية .. كل واحدة منها قطعة من خيالي .. أملك بلدة أسطورية بشخصيات و مخلوقات يعرفها الناس .. أملك اكتشافا جديدا بأنني قادر على كتابة عمل إبداعي أسبوعيا ، و ياله من شيء صعب و رهان معجز
كل ذلك صرت أملكه .. لأن هناك فئة اسمها الضربشمساويون .. يقرأون و يحبون و يتقابلون و يمنحون الثقة لأمثالي بإن.. لسه الأغاني ممكنة
(: ..