Friday, October 31, 2008

تكريم طه



لو كان الأمر بيدي ، لاقترحت تكريم " طه عبد المنعم " في مؤتمر السرد الجديد .. بل و لأصررت عليه إن واجه اعتراضاً أو تحفظاً .. طه ليس مطروحاً ككاتب في جيلنا ــ رغم أنه يكتب القصة ــ و تخلى طوعاً عن ذلك من أجل مهمة أخرى لا يستطيع شخص غيره أن يقوم بها .. المهمة هي الترويج لكتابات أقرانه ، و عمل الدعاية لها .. و تعريف الناس بها . طه يدخل يوميا كل مكتبات القاهرة ليقف على آخر الأخبار .. ينشيء البلوجات و صفحات الفيس بوك و الجروبات لمتابعة الكتب الجديدة .. يحضر أغلب الندوات .. و يجيد المناقشة و التحدث في قضايا السرد المطروحة حالياً ، ربما أفضل من كثيرين يعتقدون أنهم يملكون نواصي الكلام .. طه لا يتحدث إلا في الأدب .. و هو يفعل ذلك كأن الأدب هو حياته الشخصية و ليس مجرد نشاط ينتمي إليه .. طه يعرف " دبة النملة " فيما يشهده الواقع الأدبي ، و يكفي أن تمنحه رأس موضوع مؤرق لك ليأتيك بعد دقائق بخبره اليقين . اسمحوا لي أن أقول إن هذا الجيل بدون طه عبد المنعم تنقصه أشياء كثيرة .. ينقصه الدينامو المحرك ، النشط ، الدؤوب ، المتابع و الذي يعوض كسلنا نحن الأدباء

طه عبد المنعم يستحق التكريم في مؤتمر يتخذ جيلنا و كتابته محوراً رئيسياً .. يستحق قدراً من الالتفات لجهده و سعيه لسد ثغرة قاتلة طالما عانت منها الكتابة المصرية .. يستحق الاحتفاء بمعاركه الجانبية ــ التي اختلفت أنا شخصياً معه حولها أكثر من مرة ــ يستحق أن نحتفي به كجندي خلف الكواليس لا يمكن الاستغناء عن خدماته أو إحالته للتقاعد

طه عبد المنعم .. صدقني ، لو كان الأمر بيدي .. لكنت أول المكرمين هذا العام

(:

بمناسبة السرد الجديد

أعتقد أن مصر هي البلد الوحيدة في العالم التي يباهي فيها الروائي بأنه " ما بيعرفش يتكلم عن شغله " .. و التي ينصح فيها النقاد الروائيين ب " ألا يقرأوا نقداً كي لايفسدهم " ..و هي البلد الوحيدة التي كلما قلت فيها " ما تسألنيش عن نصي " كنت من المبدعين النابهين المُلهَمين . مصر هي البلد الوحيدة التي يمكنك فيها أن تجد أديبا يقول للآخر " انت هتنظر ؟؟ " و كأنها سبة ، رغم أن الأديب في العالم كله شخص يحمل معرفة ، و وعيا نقديا ، و يملك قدرة على التنظير لما يكتب و لما يكتبه الآخرون .. هذا ــ للأسف فارق حضاري و ثقافي من ضمن فروق كثيرة تجعل الروائي في أمريكا و أوروبا و أمريكا اللاتينية فيلسوفاً جديداً و تجعله عندنا مجرد شخص قرأ كام كتاب على كام رواية و راح الأتيليه و عرف سكة ناشر وبقى روائي .
أصحاب النظريات الكبرى في العالم مبدعون و ليسوا أكاديميين .. عندك ت . س . اليوت و فرجينياوولف و هنري جيمس و د. اتش . لورانس و القائمة طويلة . أصحاب التحولات النقدية الكبرى في تاريخ الأدب كلهم مبدعون في الأنواع التي نظروا لها .. لأن الأقدر على " تجريد " شكل فني و سبر قوانينه هو بالضرورة واحد من صناع هذا الشكل ، الأكاديميون في الغرب لم يصنعوا التوجهات النقدية و لم يؤسسوا للمدارس الجمالية و لم ينظروا للتيارات ، بل المبدعين أنفسهم فعلوا ذلك .. أما عندنا .. فالكاتب ــ بالضرورة ــ واحد مغمى عليه ، ما يعرفش حاجة غير انه بيكتب : " أنا بكتب و بس " .. متشكرين يا عم الحاج .. " أنا شغلتي أحكي عن ناس شبهي " .. ربنا يكرمك و يخليهوملك .. " أنا مافهمش في النقد والكلام ده " .. كتر ألف خيرك .. و يجيء دور الناقد ، حامل الخيزرانة متجهم الوجه منتفخ العينين من قلة النوم بسبب طول اليوم الدراسي في الجامعة و كثرة الأعمال التي يقرأها ليل نهار .. يتأبطك ، و يسدي إليك نصائحه و انت طبعا لازم تسمع و تفهم لإنك " مبدع " : مساحة بيضاء هفهافة رقراقة .. أنت الشك ــ يا عيني ع الشك ــ و هو اليقين ــ الله عليك يا ناقدنا ــ هو يعرف ماذا كنت تقصد ، و يطلعك على الطريقة التي بنيت بها عملك ، و يحلل لك دواخلك و أنت تنصت ، مكتشفاً بدهشة و براءة مالم يخطر على بال أهلك من أفكار ..
نحتاج ــ كروائيين ــ امتلاك قدرة على قراءة النقد ، و الوعي به ، نحتاج قدراً من المعرفة بما نفعل و نكتب ، نحتاج قدراً من الحرفة ، اللي هي الصنعة .. التي نكرهها مش عارف ليه .. تلاقي واحد يقولك " أنا مش صنايعي " .. إذا كان جابرييل جارسيا ماركيز قال انه صنايعي ، و ان الكتابة زي النجارة .. و الأدب صنعة و نص .. أمال الأدب ايه ؟ ايه الفرق بين رواية مكتوبة و حكاية بيحكيها واحد في الشارع ؟
الروائي في مصر تنقصه القدرة على أن يكون ملماً بمشروعه ، و قادراً على التأصيل لتجربته ، و أن ينسى ــ للأبد ــ مقولة :أنا بكتب و بس

Sunday, October 26, 2008

عم خيري .. رئيس السرد الجديد (:


انفرجت أساريري ، و ابتهجت ، و سرى اطمئنان في أوصالي عندما عرفت أن رئيس مؤتمر أدباء مصر القادم ، و الذي يعقد في مدينة مرسى مطروح في نوفمبر ، هو خيري شلبي بالذات . يليق بمؤتمر عنوانه " السرد الجديد في مصر " أن يكون رئيسه خيري شلبي و لا أحد آخر . على المستوى الشخصي ، عدت بسنواتي 12 سنة كاملة للوراء .. في مؤتمر أدباء مصر الذي عقد عام 1996 بالسويس .. و الذي شاركت به .. و تعرفت فيه بشكل شخصي على العظيم خيري شلبي .كان أكتوبر ، و كان شتاء ، و المدينة الرحبة تتلقى أسئلتي على تراب شوارعها و بامتداد جدران قاعات الندوات و غرف الفندق الذي نزلت به .. الآن تصيبني ارتجافة ما : ها أنا سأقابله مرة ثانية في نفس المؤتمر ، الذي أشارك فيه هذه المرة بورقة رسمية عن رؤيتي للسرد الجدد من واقع تجربتي الروائية و رؤيتي لجيلي .
في المرة الأولى ، كنت في الثامنة عشرة من عمري ، أصدرت لتوي مجموعتي الأولى " طيور جديدة لم يفسدها الهواء " و اصطحبت عددا من نسخها معي إلى السويس .. و اقتربت منه ، لأمنحه نسخة من المجموعة ، موقناً أنه لن يقرأها ــ عادة الروائيين الكبار ولا هيشتروها ؟؟ ــ منحته المجموعة و انصرفت وجلاً ، تاركاً إياه في قلب زحام محبيه و مريديه و هم كثر . اعتبرته يومها نصراً ، أن تكون مجموعتي الأولى بين يديه ، حتى لو لم يقرأها ، فربما قرأها ذات يوم .. غير أن المفاجأة المذهلة كانت في اليوم التالي مباشرة .. رآني ، و نده علي ، و اصطحبني إلى مقهى بعيد حيث جلسنا وحدنا : أنا .. و خيري شلبي ! . بعدها أخرج مجموعتي من حقيبة يده .. معروقة من آثار يديه ، متخلية عن بريق الكتب التي لم تقرأ ليحل محله بريق الكتب التي قرأت .. و انداح الرجل في الكلام عن الكتاب .. و وصفني بأوصاف أرتجف حتى الآن كلما تذكرتها ، ثم أهداني أحد أجزاء أعماله الكاملة و كتب عليه إهداء ــ أرتجف أيضاً كلما طالعته : " إلى ولدي طارق إمام .. أمل القصة المصرية " .. حدث ذلك في الوقت الذي كنت أرى فيه آراءه الحادة التي لاتعرف التذويق تصيب بسهامها كتابا مشاهير و مدعي أدب لامعين و راغبين في الوجود .. يوجه لهم نقده الصريح ببساطة و عمق و يتركهم في ضلالاتهم غير عابيء . فعلها خيري شلبي معي قبل 12 عاماً ، و منحني دفعةضخمة للأمام و أملاً فيما أكتب.. و ليته اكتفى ! لقد ناقش المجموعة بعد ذلك، و تجشم عناء السفر من القاهرة إلى دمنهور ليتحدث عن الكتاب و عني .. و لازلت أحتفظ بشرائط الكاسيت التي تسجل وقائع الندوة الكبيرة .. و التي وضعتني بشكل حقيقي في قلب خريطة الأدب . بعدها صارت أسرة خيري شلبي بأكملها أسرتي .. أزوره في أي وقت ، لأجلس معه .. بصحبة أبنائه : زين و ريم و إيمان .. و زوجته ــ الأم العظيمة لي ــ آكل و أقرأ و أتحرك في البيت براحتي .. و لم يكن " عم خيري " كما صرت أناديه يتحفظ سوى على شيء واحد : أنني أهلاوي صميم و هو زملكاوي عتيد .. و بالطبع لم نصل لشيء يذكر في هذه الجزئية (:
عم خيري أيضا له علي أياد بيضاء و أفضال حقيقية كثيرة يسعدني أن أبوح بها ، و لكني أعرف أن ذلك سيغضبه مني أشد الغضب إن أنا فعلت
من سوى خير شلبي يصلح لرئاسة مؤتمر موضوعه الكتابة الجديدة ؟ هو الجديد .. المتابع الدقيق لما يُكتب ، صاحب الذائقة الرحبة التي تتسع لأشكال كثيرة و لاتنغلق على نمط بعينه أو طريقة دون سواها في الكتابة ؟ .. هو الصريح ، " اللي يقول للأعور انت اعور في عينه " ..هو الذي يعشق التواصل و يصفق لكل ما يستشعر فيه شيئاً جديدا .. خيري شلبي أحد كتاب كبار قليلين جدا أفلتوا من فخ تقديس الذات ، و الاكتفاء بأبراج عاجية و بملابس كهنوتية تخفي تعالياً أصماً .. خيري شلبي أفلت من وهم البحث عن تلاميذ و أتباع و حواريين .. فصار له تلاميذ و أتباع و حواريين من محبيه .. خيري شلبي مبدع يشبه ما يكتب ، و أعتقد أنك لو وضعت روايات خيري شلبي متجاورة و رأيتها من مسافة آمنة .. فسترى وجه خيري شلبي بكل ملامحه و تفاصيله ، حتى نظارته الطبية
أعترف دائماً ــ حين يدور الحديث عن الأبوة الأدبية ــ بأن خيري شلبي هو ذلك الأب بالنسبة لي ، لأنه بالفعل فعلها معي لكن دون تسلط أو وصاية ..
خيري شلبي رئيساً لمؤتمر أدباء مصر .. ياله من تكريم لذلك المؤتمر و كل المشاركين فيه ..ياله من تكريم شخصي لي .. 12 سنة تحول فيها كتابي الوحيد إلى خمسة كتب .. تحولت سنواتي الثمانية عشر إلى واحد و ثلاثين عاماً .. لأتجدد الآن في حضرة الكبير .. خيري شلبي

Wednesday, October 22, 2008

في عشق الضربشمساويين (:


من بين الألقاب التي أحملها ، و التي تنتمي جميعها لمهنتي الأدب و الصحافة ،أعتز كثيرا بلقب " راوي ضربة شمس " و الذي اكتسبته من قراء جميلين ، محبين ، بدأ بعضهم بالفعل يشق طريقه الآن في طريق الكتابة . لمن لا يعرف .. ضربة شمس صفحتان أسبوعيتان بجريدة الدستور يشرف عليهما صديقي خالد كساب .. و منذ نحو عام ونصف بدأت أنشر أسبوعيا حكاية لم أتخيل أن تحرز كل هذا النجاح .. و أن يتحول غيابها النادربين وقت للآخر إلى تساؤلات عديدة تنادي بالعودة السريعة . و الحكايات لها قصة .. بدأت بأول حكاية ، و كان اسمها " رجل عجوز بلا ذكريات " كتبتها و لم يكن في ذهني نشرها و لكني أعطيتها لكساب الذي نشرها في الأسبوع التالي مباشرة .. بعدها كتبت حكاية أخرى بعنوان " زوجة الجواهرجي لا تحب الذهب " .. لم أكن أعتقد أني سأستمر و أن ما أكتب سيصير زاوية ثابتة و مادة رئيسية من مواد ضربة شمس .. و لكن كساب ، في الأسبوع الثالث سألني بحميميته و حماسه المعهودين : فين الحكاية الجديدة يا معلم ؟؟ إحكي يا طارق زاد.. و الصيغة أرعبتني بقدر ما أسعدتني ، لأنها تدل على شيء اكتسب صفة الثبات ..و الدوام . هكذا بدأت الحكايات تتوالى .. و تأخذ شكلها ووضعيتها من محبة كساب و إخراج عاليا عبد الرؤوف المميز و ريشة وليد طاهر الساحرة لتصير التزامي الأول و الأهم طيلة عام ونصف .. و الذي أحرص عليه قبل التزامات أخرى وأمنحه مكانه الرئيسي بين مشاغل كثيرة . أما أهم ما في الموضوع .. فهو الضربشمساويون ــ أقصد قراء ضربة شمس ــ الذين منحوا هذه الحكايات جدواها و أشعروني بقيمتها و حملوني مسئولية ألا أتوقف .. لولاهم ما أفلحت كتابتي و لا حماس كساب و لا ريشة وليد ولا اخراج عاليا في جعل " البضاعة " تكتسب قيمة ليست لها أو أن " تزوق " وجهاً كئيبا كالحا . الضربشمساويون نفخوا في هذه الحكايات من روح خيالهم و أحلامهم و شغفهم و إخلاصهم للقراءة فجعلوها تعني شيئاً .. الضربشمساويون بحثوا عني خارج الحكايات فقرأوا كتبي ــ و كان لهم دور فعال في مضاعفة مبيعاتها ــ و بحثوا عن مدونتي ليصيروا من قرائها و أضافوني شاكرين كصديق لهم على الفيس بوك ليعرفوا أخباري .. فعلوا كل ذلك ــ فقط ــ لأنهم أحبوا ما أكتب و لا شيءآخر ..
الضربشمساويون منحوني الصدق الذي كنت أبحث عنه من كل من يقرأ لي حرفا..و صار لي من بينهم أصدقاء حقيقيون تتوطد علاقتي بهم يوماً بعد الآخر .
كم مرة فكرت أن أكتفي ؟ و أقدمت على ذلك ؟ .. ما تعدش .. خاصة في أوقات الانشغال بمشروع كتابة جديد أو مع تراكم تفاصيل الحياة .. لكن الضربشمساويين كانوا لي بمرصاد المحبة على الدوام !! يجذبونني ، يشدونني من جديد لأواصل الحكي و لأكتشف ــ معهم و بهم ــ أن جعبتي لم تنفد كما اعتقدت .. و أن لاشيء أهم من أن أستيقظ صباح الأربعاء ــ موعد الصدور الأسبوعي للدستور ــ على كل أنواع الماسجات و طرق التواصل تناقش و تحاور حكايتي الجديدة .. حتى حبيبتي مروة .. صارت الحكايات شيئا مشتركا في حواراتنا و كلامنا ..
الحكايات لم تعد مجرد مادة أكتبها أسبوعيا بمنطق الحرفة .. لكنها ساحة خيال أحلق من خلالها مع آلاف الضربشمساويين .. شباب يفرح .. يؤكد أن هناك طوال الوقت شيء جميل في قلب هذا الواقع القبيح .. يشعرك أنك لا تزال تملك رسالة و دورا في وقت آمن فيه الكثيرون أن الكاتب صار بلا دور و لا رسالة .. شباب يشعرك أن هناك مسئولية عليك ألا تتخلى عنها أو تدير لها ظهرك
الضربشمساويون هم القراء الذين يتمناهم أي كاتب على وجه الأرض .. أنا لا أبالغ و أعني تماما ما أقول .. شرائح مختلفة ، تضم المثقف و القاريء العادي و محبي الأدب .. متوسط أعمارهم صغير .. ورغم ذلك يبحثون عن القراءة قبل بحثهم عن فيلم خفيف أو أغنية روشة
أملك الآن ما يربو على 60 حكاية .. كل واحدة منها قطعة من خيالي .. أملك بلدة أسطورية بشخصيات و مخلوقات يعرفها الناس .. أملك اكتشافا جديدا بأنني قادر على كتابة عمل إبداعي أسبوعيا ، و ياله من شيء صعب و رهان معجز
كل ذلك صرت أملكه .. لأن هناك فئة اسمها الضربشمساويون .. يقرأون و يحبون و يتقابلون و يمنحون الثقة لأمثالي بإن.. لسه الأغاني ممكنة
(: ..

Monday, October 20, 2008

wait


قريبا
على البلوج
..........


Saturday, October 11, 2008

(:

ما يعيش غير طعم البيوت
.......................................................................
صورة من حفل خطوبتي
3 / 10 / 2008