تمنيت دائما أن أكتب قصة عن رجل عجوز بلا ذكريات . رجل تجاوز التسعين من عمره مثلا و لكن حياته مثل ورقة بيضاء .. لم يعش قصة حب ، لم يخض حربا ، لم يمش في شارع مظلم و لم يخنه صديق . إنه حتى لم يدخن ذات يوم و لم يوقظه صراخ طفل . الرجل يفكر في حياته .. و يحسد أقرانه العجائز أصحاب الذكريات المديدة ، فيقرر أن يصاحب الأطفال لأنهم مثله .. و لكنه يفاجأ بأنهم يطلبون منه حكايات من ماضيه مقابل أن يقبلوه صديقا .. فيضطر لتأليف حكايات لم يعشها .. و تنتشر حكاياته بعد فترة .. تصير مقنعة أكثر من ذكريات الناس الواقعية و أشد إثارة . يمضي في لعبته أكثر .. يقترب منه العجائز أيضا لسماع ماضيه المزيف .. و السيدات .. و الرجال الأقوياء .. و يأتي رجل من خارج البلدة، مؤرخ شاب ، ليكتب تاريخها فلا يجد خيرا منه ليسطر التاريخ من فمه . يطبعه المؤرخ في كتاب . يصير هذا هو التاريخ الرسمي للبلدة ، الذي هو جزء من التاريخ الرسمي للعالم ، الذي حكاه بالتأكيد أشخاص بلا ذكريات . يحاول الناس بعد فترة إقناع المؤرخين و السلطات بأن كل ما حدث كان كذبة و لكنهم يديرون لهم ظهورهم ، فقد كُتِب التاريخ و انتهى الأمر .تزيد الاعتراضات و يتعرض المشككون للإعدام و يزج بهم في المعتقلات .. يخاف الباقون فيسلمون بأن هذا هو التاريخ .. هذه هي ذاكرة العالم و كل ما عداها هراء . ثم تأتي أجيال جديدة لا تعرف شيئا مما حدث ، يكون الرجل قد مات و صار نبيا .. مكان ميتته تحول إلى مزار مقدس يؤمه الجميع من كل أنحاء العالم . و لا يعرف أحد أنه لا يزال يحسد في ميتته أقرانه الذين ماتوا أيضا .. لأنهم كانوا يملكون ذكريات حقيقية في الوقت الذي صنع هو فيه بخياله تاريخا مختَلَقا ... و يتندر على الدنيا ، الغرورة التي منحته قداسة لمجرد أنه أجاد الكذب على حفنة أطفال .. بعد أن أدار الجميع ظهورهم له
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
16 comments:
برغم وضاعة النت، ومحاولاتي المحبطةلترك هذا التعليق، إلا أني سأحاول وأحاول وسأستميت في المحاولة:
أنا عارف من صداقتي للروائيين إن فضيحتي هتكون على إيد حد منهم. باسم الصداقة يا طارق، حقق أمنيات أخرى، ولا داعي لهذه بالذات، دع هذاالرجل وقصته، ولو لم تفلح الصداقة في ردعك، فلدينا وسائل أخرى نحمي بها ما يستحق أن نموت لأجله.
لا اعرف لماذا الح على ذهني كتاب ماركيز- ذكريات- ذلك الرجل الذي لم يجد عندما اتم التسعين رغبه اقوى من ان يقضي ليلة ميلاده مع فتاه صغيرة عذراء ولجأ لبيت دعارة كان يقصده في شبابه ليحقق هذه الامنية
الذكريات تلك المساحة الملعونة المباركة في تاريخنا
هي نحن
حقق الامنية اكتبها علها تحرر شئ من فراغ الرعب في اعماقنا
فى فترة توتر من حياتى
كنت بعانى من هاجس غريب قوى...كنت بتخيل الذكريات البعيدة كانها مش حقيقية ..كأنها من صنع خيالى الطفولى وقتها..او ع الأقل احلام...ولكن كنت ساعات بخبط فى صورة أو انسان ينتمى للوقت ده ..وفى اللحظة دى كنت مذهول لما اتأكدت ان كل اللى فى دماغى ده حقيقة مش خيال
النص جميل قوى وكالعادة انت بتكتب فى حتة خاصة جدا مداسش فيها كتير
سيبك وفكك من اى حاجة
تحياتى
نبي ؟
اسطوره التاريخ هذه مفقوده الان
ارجووك اسرع بكتابتها
قبل ان ابدا انا:]:]
:D yaaaaah 2add eh la7'ast 7agat keteer fe el kalam da :D
2add eh gamda :D
ta77eyaty :D
جميلة اوى الحكاية دى
الحق اكتبها بسرعة
احسن اسرقها منك
تحياتى ليك
7elwa awe bgad ya tare2
7elwa b 3'abaa2 ya3ny :D
شافعي
هي لك
فلدي أمنيات أخرى
بقولك ايه .. محتاج رحلة سوسو؟
(:
............................
نهى الجميلة
هاكتبها يا نهى
هي فعلا مساحة ملعونة مباركة
حلوة الصورة دي
محبتي
.............................
احمد
قشطة عليك
(:
.............................
احمد وائل
ما عنديش مانع بس اتفق مع شافعي الأول
(:
...........................
محمد ثروت الجابري
أيوة نبي
.............................
daisy
انتي اللي جميلة
كل الشكر لمتابعتك
ما تقطعيش الزيارة
...............................
باهر
يا عم اتفضل
دي تزيد
(:
بس اتفق مع شافعي و احمد وائل الأول
................................
موني
ربنا يخليكي
و شكرا على دفعة التعليقات اللي أمتعتيني بيها دفعة واحدة
اكتب ولا مستنينى اسرقها
لو مش ناوى تكتبها قول
Post a Comment